فلسطين
لكِ في القلوبِ منازلٌ ورحابُ - يا قدسُ أنتِ الحبُّ والأحباب
لي فيكِ أقدارٌ ولي دارٌ ولي - أرض ولي أهلٌ ولي أنساب
لي المسجدُ الأقصى ولي ساحاتُهُ - والمنبرُ المغدورُ والمحرابُ
إنّا ورثنا الحَقَّ فيكِ عن الجُدودِ .. فنحنُ نَحنُ الأهلُ والأصحابُ
والغاصبونَ حِماكِ ما عرفوا الأمانَ .. زمانُهم فيها أسىً وعَذابُ
بِكِ نَحنُ نَمضي للسَّلامِ معاً .. ودونَكِ لن يَسيرَ إلى السَّلامِ
رِكابُ
البُعدُ عَنكِ خَطيئةٌ .. البُعدُ عَنكِ فَجيعةٌ .. البُعدُ عَنكِ
مُصابُ
البُعدُ عَنكِ هَزيمَةٌ ومَهانَةٌ – والعَيشُ دُونَكِ لعنَةٌ وعِقابُ
حاشا لشعبِكِ أن تَلينَ قناتُهُ – شَهدَ الزَّمانُ بأنَّهُ غَلاّبُ
العاشقون ثراكِ ما زالوا على – وعـــدِ الإيابِ ولن يطولَ غيـــابُ
بإذن الله يا لطفي لن يطول غياب
في وسم الأقصى وعلى منبر الجامعة وقف الرئيس والمرؤوس، ذاك يغرد وهذا
يندد. كلمات تطير في الهواء كما تطير حجارة المرابطين، لكنها لا تصيب كما تصيب.
تثور العبارة فيخور الجسد ويسكن الضمير. أموات كالأحياء، تحركهم يد الأعداء من
قبلة رب السماء إلى ميادين السفهاء. ليسوا حمقى لكنهم تائهون، حاضرون بلا أثر،
واقفون بلا جسد. هم للأصدقاء كالسراب وللأعداء كمحنط الذئاب. تعجبك كثرتهم وتطربك
صرختهم ولكن دائما تخذلك وقفتهم.
عذرًا يا سكن الخليل ويا وطن المسيح ويا مسرى الحبيب. عذرًا يا أرض البركة
ويا مصلى الأنبياء. نحن هنا فهل ترى منا أحد؟ لا أحد!، لا دولة ولا فرقة ولا حتى
نصف جسد. سيأتيك المدد من حيث لا تدري ولا يدري أحد. فالله أوفى من وعد.
ليس لصهيون في أوطاننا أرض ولا ماء ولا هواء. غرباء، كنكت سوداء
على الصفحة البيضاء. مشردون ممزقون، لا تعترف بهم أرض ولا تجاورهم أمة. يبغضهم من
يعرفهم وينفر منهم من يعاملهم. يتجملون بالخيانة ولا يبالون بالكرامة.
إن أرضنا تكره وخز أقدامهم عليها، وعلينا أن نجاريها الشعور. فتجبرهم
لا يأتي إلا من تخاذلنا. يظنون أن لهم حق فيها وهي تشهد بأنهم لا منها ولا فيها.
ولو كانت لها الخيرة لما أصابتها الحيرة. فمن ضحى ومن قدم ومن أفنى عمره يبني ومن
أفنى عمره يهدم؟ ومن بالله يزرعها ومن يحرق ومن يُعدم؟
لا تخافوا على فلسطين، خافوا على أنفسكم من نسيانها من نكران
انتمائها. خافوا على ولدانكم من أن يجهلوها. خافوا على أموالكم من ألا تُنفق
عليها. وعلى أقلامكم من ألا تكتب عنها. لا تخافوا على فلسطين، فهي ثابتة ونحن المتغيرون.
إن الحصول على الأشياء لا يأتي إلا بعد السعي لها. وإن أخشى ما أخشاه
هو أن نكون قد فقدنا إرادتنا التي هي ما يجعلنا سعاة نحو هدف التحرير. لذلك نقول
بأن تغذية الإرادة في الأمة لاستعادة الأرض المحتلة هي من أهم واجبات الفرد تجاه
الجماعة، كما أنها أحد أبرز خطوط الدفاع عن واحدة من ممتلكات الأمة.
فلسطين اليوم ليست
شأن داخلي ولا عربي ولا حتى إسلامي فقط. إنما هي شأن إنساني، فدماء أطفالها ليست
أقل كرامة من غيرها، ولا بيوت أهلها أقل حرمة من غيرها، وليست ثرواتها حل لغير
أهلها. ولذلك علينا أن نُجيش ما تبقى من إنسانية في هذا العالم ضد تفلت المحتل.
ولكن قبل أن نطالب هذا العالم بشيء، علينا أن نقوم بواجباتنا تجاه
قضيتنا. فمجرد الحديث عنها والتفكير فيها لن يجدي نفعًا إذا لم يرافق ذلك خطوات
عملية لنصرة القضية وإظهارها. وأهم من ذلك كله أن تتشرب قلوبنا اليقين بوعد الله
جل في علاه في نصرة المظلوم والقصاص من المعتدي.
" والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون
"