الاثنين، 1 أغسطس 2016

هل بدأت مرحلة الصدمة ؟


إن الأشياء والأفعال نتقبلها حينما نعتاد وجودها أو فعلها وليس حينما نقتنع بها .
- كل الأفكار (حسنها وقبيحها) تظل حبيسة حتى يتجرأ أحدهم بتطبيقها.
- لذلك نستطيع القول بأن جرأة أهل الباطل مهما كانت همجيتها وتشتتها أخطر من أفكارهم مهما كانت قوتها.
- أحيانا التصريح بالقناعات واجب شرعي كالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
- نقول مجتمع محافظ ومجتمع منحل، ولكن حينما تتاح الفرصة لكل فرد بأن يكشف نفسه فسنكتشف أنه لا هذا محافظ ولا ذلك منحل .
- يقال لبعض التصرفات بأنها فردية ، ويقصد بذلك أنه خروج عن سياق المجتمع.
- الفعل عند حدوثه لاشك بأنه فردي ، ولكن ماذا عن روح الفعل (الفكرة) ؟ ، فإننا لا يمكن أن نعرف إلا بعدما ينكسر حاجز الغربة عن هذا الفعل، لذلك أفضل تسميته بالفعل الجرئ سواء كان حسنا أو قبيح.
- إذًا المجتمع يتغير بزرع الأفكار بداية ثم بكسر حاجز غربتها.

طوال الأعوام الماضية كانت وسائل إعلام معينة تبث في أجوائنا سموم التطبيع ، تحبب الصهاينة إلى أجيالنا القادمة ، تتجاهل تاريخنا ، بل وتلمح لخيانة رجالنا على الثغور ، تقزم إنجازات المقاومين ، و تتلطف إرهاب الحاخامات ...

والآن حان وقت الصدمة ، حان وقت التصريح ، حان وقت كسر الحاجز ، ليفترق الناس في تعاطيهم مع هذه الصدمة ، فمن تشرب عقله تلك السموم فسينجرف معها ، ومن تعرض لتلك السموم دون كفاح ولا اقتناع فسيتأرجح رأيه ، أو ربما لن يأبه كذلك !

أما من عرف الشر وحاربه ، فلن تزيده دعاوى المطبعين إلا صمودًا في وقفته وقوة في مقاومته ، والخيبة والصغار للمطبعين ولكل خائن لدينه،  ناكرا لتاريخه ، متجاهلا إخوانه .

الخميس، 14 أبريل 2016

سلطة الصخب

سلطة الصخب




في سوق مدينتنا كان الباعة يقفون على عتبات دكاكينهم يصيحون بأعلى صوتهم ليجذبوا الأنظار إلى بضائعهم ، فكلما ازدادت شدة صوت أحدهم كلما انشدت الأنظار نحوه. كانت حيلة الصوت حيلة ناجحة دائمًا ، حيث أن بين الصخب وبين عدد المتجمهرين علاقة طردية ، وربما أن هذه العلاقة هي نتيجة غريزة حب الاستكشاف أو غريزة الرغبة في موافقة اتجاهات الناس.

وعلى كل حال فإن صخب سوق مدينتنا ليس إلا همسة في وسط موجات الصخب حول العالم, أصبح الصخب أداة إقناع حيث حل محل الفكرة وقام مقام الانجاز . أضحى مرشح الرئاسة يكسب الأصوات مع كل خطاب صارخ حتى لو لم يقدم فكرة أو انجاز ، كما أصبح الإعلامي يبحث عما يثير الضجة حتى لو تجرد من الرسالة , كذلك أولئك الذين يتابعهم الآلاف من الناس دون أن يعرفوا لماذا يتابعونهم !!.

الصخب أصبح أسهل طريقة لحشد الناس، وحينما يحتشد الناس حول شيء فإنهم لا يطيقون إنكار ذلك عليهم وإن كانوا غير مقتنعين بصواب فعلهم . بل إن بعضهم يميل للدفاع عن موقفه وهذا أمر منتشر وعجيب . وأعجب من ذلك من ينكر احتشاد الناس على التوافه ثم يعود ويوافقهم على ما هم عليه، وليس ذلك لتبدل في رأيه إنما لكي لا يبتعد عن الركب!.

وإن خطورة هذه الحشود تكمن قدرتها على تغيير الرأي العام والذي ربما أدى إلى تغييرات في أنظمة وقوانين بعض الدول، حيث أنها أصبحت تمثل سلطة تفوق سلطات رجال الحكم وأصحاب المال وتعالم الدين .


لذلك أيها النبيه لا تلهك صيحات الباعة عن النظر في جودة البضاعة.   

الاثنين، 21 سبتمبر 2015

هل ترى منا أحد؟


فلسطين

لكِ في القلوبِ منازلٌ ورحابُ - يا قدسُ أنتِ الحبُّ والأحباب
لي فيكِ أقدارٌ ولي دارٌ ولي -  أرض ولي أهلٌ ولي أنساب
لي المسجدُ الأقصى ولي ساحاتُهُ - والمنبرُ المغدورُ والمحرابُ


إنّا ورثنا الحَقَّ فيكِ عن الجُدودِ .. فنحنُ نَحنُ الأهلُ والأصحابُ
والغاصبونَ حِماكِ ما عرفوا الأمانَ .. زمانُهم فيها أسىً وعَذابُ

بِكِ نَحنُ نَمضي للسَّلامِ معاً .. ودونَكِ لن يَسيرَ إلى السَّلامِ رِكابُ

البُعدُ عَنكِ خَطيئةٌ .. البُعدُ عَنكِ فَجيعةٌ .. البُعدُ عَنكِ مُصابُ
البُعدُ عَنكِ هَزيمَةٌ ومَهانَةٌ – والعَيشُ دُونَكِ لعنَةٌ وعِقابُ
حاشا لشعبِكِ أن تَلينَ قناتُهُ – شَهدَ الزَّمانُ بأنَّهُ غَلاّبُ

العاشقون ثراكِ ما زالوا على – وعـــدِ الإيابِ ولن يطولَ غيـــابُ

بإذن الله يا لطفي لن يطول غياب



في وسم الأقصى وعلى منبر الجامعة وقف الرئيس والمرؤوس، ذاك يغرد وهذا يندد. كلمات تطير في الهواء كما تطير حجارة المرابطين، لكنها لا تصيب كما تصيب. تثور العبارة فيخور الجسد ويسكن الضمير. أموات كالأحياء، تحركهم يد الأعداء من قبلة رب السماء إلى ميادين السفهاء. ليسوا حمقى لكنهم تائهون، حاضرون بلا أثر، واقفون بلا جسد. هم للأصدقاء كالسراب وللأعداء كمحنط الذئاب. تعجبك كثرتهم وتطربك صرختهم ولكن دائما تخذلك وقفتهم.

عذرًا يا سكن الخليل ويا وطن المسيح ويا مسرى الحبيب. عذرًا يا أرض البركة ويا مصلى الأنبياء. نحن هنا فهل ترى منا أحد؟ لا أحد!، لا دولة ولا فرقة ولا حتى نصف جسد. سيأتيك المدد من حيث لا تدري ولا يدري أحد. فالله أوفى من وعد.

ليس لصهيون في أوطاننا أرض ولا ماء ولا هواء. غرباء، كنكت سوداء على الصفحة البيضاء. مشردون ممزقون، لا تعترف بهم أرض ولا تجاورهم أمة. يبغضهم من يعرفهم وينفر منهم من يعاملهم. يتجملون بالخيانة ولا يبالون بالكرامة.

إن أرضنا تكره وخز أقدامهم عليها، وعلينا أن نجاريها الشعور. فتجبرهم لا يأتي إلا من تخاذلنا. يظنون أن لهم حق فيها وهي تشهد بأنهم لا منها ولا فيها. ولو كانت لها الخيرة لما أصابتها الحيرة. فمن ضحى ومن قدم ومن أفنى عمره يبني ومن أفنى عمره يهدم؟ ومن بالله يزرعها ومن يحرق ومن يُعدم؟

لا تخافوا على فلسطين، خافوا على أنفسكم من نسيانها من نكران انتمائها. خافوا على ولدانكم من أن يجهلوها. خافوا على أموالكم من ألا تُنفق عليها. وعلى أقلامكم من ألا تكتب عنها. لا تخافوا على فلسطين، فهي ثابتة ونحن المتغيرون.

إن الحصول على الأشياء لا يأتي إلا بعد السعي لها. وإن أخشى ما أخشاه هو أن نكون قد فقدنا إرادتنا التي هي ما يجعلنا سعاة نحو هدف التحرير. لذلك نقول بأن تغذية الإرادة في الأمة لاستعادة الأرض المحتلة هي من أهم واجبات الفرد تجاه الجماعة، كما أنها أحد أبرز خطوط الدفاع عن واحدة من ممتلكات الأمة.

فلسطين اليوم ليست شأن داخلي ولا عربي ولا حتى إسلامي فقط. إنما هي شأن إنساني، فدماء أطفالها ليست أقل كرامة من غيرها، ولا بيوت أهلها أقل حرمة من غيرها، وليست ثرواتها حل لغير أهلها. ولذلك علينا أن نُجيش ما تبقى من إنسانية في هذا العالم ضد تفلت المحتل.

ولكن قبل أن نطالب هذا العالم بشيء، علينا أن نقوم بواجباتنا تجاه قضيتنا. فمجرد الحديث عنها والتفكير فيها لن يجدي نفعًا إذا لم يرافق ذلك خطوات عملية لنصرة القضية وإظهارها. وأهم من ذلك كله أن تتشرب قلوبنا اليقين بوعد الله جل في علاه في نصرة المظلوم والقصاص من المعتدي.



" والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون "




الجمعة، 14 أغسطس 2015

راقبوا رجال الظل واتركوا رجال الشمع للمتاحف

 

لكل مصنوع صانع ولكل موجود موجد ... حقيقة وإن جادلها كل أهل الأرض.

الحقيقة الثانية هي أن الناس قابلة ومتقبلة للتبعية متى ماظهر لهم من يتبعونه .

فيما مضى كانت الناس والسلطة هم من يصنع الرموز. فكانت الرموز مابين شخصية صنعها الناس و وثقوا بها ، وشخصية تفرضها السلطة التي غالبا لا تتجاوز المجالين السياسي والعسكري . ومع أن تلك الشخصيات مفروضة على الناس إلا أنها غالبا كانت مؤهلة ( للنجومية ).


قبل مدة ليست بقريبة ظهرت منابت أخرى للنجوم ؛ تنشط تلك المنابت مع نشاط أدوات العالم الحديث في كل مجتمع . و العالم الحديث هو ذلك العالم الذين نسارع  لتقييد معاصمنا على قضبانه ، هو ذلك العالم الذي لففنا حبل أدواته حول رقابنا . عالم يسمح للجميع بالتأثير ويفرض عليهم التأثر ! . ولكن ما علاقة هذا برجال الشمع ورجال الظل ؟


ربما أصبحت تعرف ( نجم ) ظهر من العدم أو شبهه ؛ شيخ تتسابق إليه القنوات وتُسلم له المنابر وتتنازع الصحف فتاواه ، بينما لم يكن يعرف عنه جد في طلب العلم ولا عهد في ملازمة العلماء ... إنما هكذا من شبه العدم خرج !. وعسكري بلا هوادة يأتي من الحضيض وعينه على السيادة فيقتل شعب ويصادر حق أمة ويجلس على كرسي الرئاسة ... هكذا دون أن يمس له ظفر !.

يصعد التافه على أكتاف الخفاء فيصبح فنانًا . و يصبح الأحمق خبيرًا . ورجل تائه لا يعرف أين يولي وجهه فتحت له عدسة وأعطي زاوية وسمي مثقفًا . وهكذا صنع مع جل مجالات النجومية.

إن مايحدث هو صناعة نخبة للمجتمع دون تدخله المباشر في ذلك !. يراد لتلك الطغمة الغريبة أن تمثل النخبة والرأي، يراد لها أن تُعبد المسار للمجتمع ليغرق في وحول التخلف الديني و الأخلاقي و الإداري ...

الحقيقة الأخيرة هي أن هذه النخبة اللا منتخبة ليست ذات قيمة لولا أيدي الخفاء التي تزفها بأدوات العالم الحديث . لذلك نقول راقبوا وثوروا واغضبوا على أولئك الذين يعيشون في الظل واتركوا رجال الشمع للمتاحف .

الاثنين، 22 يونيو 2015

الحل يبدأ من المخازن




في معظم المنازل يكون هناك غرفة أو زاوية تختلف عن بقية أجزاء المنزل . هذه الغرفة ربما تكون في السطح أو الفناء الخارجي أو خلف المنزل ... هي هكذا غالبا في أطراف المكان . على اختلاف التسمية والتصميم والمكان إلا أن لها استخدام واحد . ربما تسميها مخزن أو مستودع أو ملحق ... لايهم . لكن دعونا الآن نصطلح على تسميتها بالمخزن .


في ذلك المكان الذي يكون نصيبه الإهمال في العادة . تجتمع كثير من الأشياء التي أصبحنا عاجزين عن تصنيفها، أو تلك التي تعطلت و نخطط لإصلاحها، أو ربما هي أشياء صالحة لكن أصبحنا نملك بديلها . تتراكم الأشياء صغيرها وكبيرها، قديمها وحديثها، صالحها وطالحها. هناك ماقد مضى عليه سنوات بل ربما عقود ونحن ننتظر الفرصة لاستخدامه . هناك ماقد كان صالح للاستخدام لكن لم يعد كذلك ، بل ربما لم يعد قابل للإصلاح !. ومع مرور الوقت وتكدس الأشياء وضيق المكان نصبح عاجزين عن الفرز وتائهين في الفوضى .

الدخول إلى المخزن لا يشبه الدخول إلى غيره . تدخل فتشاهد ماقد تغير لونه أو تفتت وتفككت أجزاءه . جرب أن تنظف وترتب المخزن ستكون أمام مهمة صعبة .
- ذلك الشيء الكبير في وسط المخزن حاول أن تخرجه لتحظى برؤية أفضل لزوايا المخزن .
- إخراجه صعب فهناك أشياء أخرى حوله تعطل تحريكه.
- حسنا ، فلنبدأ بتحريك الأشياء الصغيرة .
-الغبار يكتم أنفاسي .
- لا بأس تحمل ذلك حتى ننتهي.
وهكذا تتواصل المشاكل وتتواصل معها الحلول داخل المخزن .

ليست المنازل فقط ، الناس لديهم مخازن من ذلك النوع الذي يهمل . لكن مخزن الإنسان لا يحتوي على مجموعة من الأدوات والألعاب والمعدات . إنما يحتوي على علاقة قديمة ، مشكلة صغيرة وأخرى كبيرة ، يحتوي على فهم خاطئ لإنسان ، يحتوي على عبارة أو نظرة غير مقصودة ... وكثير من الأشياء التي نهملها أو نهمل إصلاحها . فتضل تشوهنا وتعيقنا و تفرقنا فتهلكنا .

هل تفكر بتنظيف وترتيب مخزنك؟ أرجو ذلك.
ولا بأس ، فتعب على إصلاح خير من راحة على فساد.

السبت، 13 يونيو 2015

لماذا يجب أن نتعلم صناعة القنابل ؟





تحذير : محتوى هذا المقال لا يناسب أصحاب العقول الماكرة والقلوب الحاقدة ، لذلك جرى التنبيه لإخلاء المسؤولية .


تعلم الإنسان صناعة القنابل منذ أزمنة بعيدة ، بدأ صناعتها بأساليب بسيطة ككل الأشياء حيث أن القنابل في بدايتها لم تكن بشدة بعض قنابل هذا الزمان ... فمن الانفجار الخافت إلى الانفجار المدوي و من التأثير ببضعة أشخاص أو عدم التأثير أحيانا إلى التأثير بآلاف وملايين الناس . ومن بساطة التركيب إلى عبقرية التعقيد .


الإنسان يعجبه ما يبهره ، بالتأكيد شاهدتم من قبل إنفجار لبركان أو لغم أو حتى كتلة من الغاز ، أليس هذا مبهر ؟ . في لحظة يكون كل شيء هادئ وساكن ثم بطرفة عين كل شيء يتبدل ، السماء تتغير والأرض تتشوه والفوضى تبادل الانسجام ، بطرفة عين كل شيء يتحول إلى نقيضه !! .  لكن هل تأملتم من قبل إنسان يغضب؟ ، يقفز من جلسته وينتفض بعد هدأته، يصرخ ويتلون و يتشكل ... مالذي حدث له ؟! .


الانفجار هو هذه الثورة ، هو هذا التغير المبهر . وهذا بالضبط ما حدث لذلك الشخص ( انفجر ) . لكن مالذي جعله ينفجر ؟ هنا يأتي دور القنبلة . الانفجار الشديد لا يؤدي دائما نتائج كبيرة ، فمالذي يمكن أن تصنعه قنبلة هيدروجينية في صحراء سيبيريا؟ ومالذي يمكن أن تصنعه قنبلة بدائية في أحد أسواق هونغ كونغ المزدحمة؟  . التوقيت مهم أيضا لإحداث تأثير أكبر في النتائج . إذا، الصانع المتقن والمكان والتوقيت المناسبين وعوامل بسيطة أخرى هي ما يمكن أن تؤثر تأثير مباشر في النتائج .


المثال السابق لانفجار الإنسان هو ما يمهد لنا فكرة أن ليس كل انفجار عبارة عن كتلة من النار وأن ليس كل قنبلة هي معدن محشو بتوليفة كيميائية . الانفجار هو تعبير عن كتل الطاقة الهائلة التي تتدفق من عمق القنبلة لتملأ المكان المحيط . وهذه الطاقات لها أشكال كالصوت والحرارة ...وغيرها . لكنني هنا لست أتحدث عن نوع القنابل المعروف لديكم !، إنما أتحدث عن نوع آخر من القنابل ونوع آخر من الطاقات .


القنبلة ليس بالضرورة أن تكون مادة أصلا ! ، قد تكون مجرد فكرة . للأفكار أثر عظيم على الإنسان ، فكما أن الإنسان يتأثر جانبه المادي بالمادة أيضا يتأثر جانبه الروحي بالفكرة . ومن طبيعة الإنسان أن لجانبيه هذين تأثير مباشر على بعضهما . ألم تروا من يقتل نفسه لفكرة غُرست في رأسه ؟ و هل رأيتم من تغير فكره لتعذيب أو تنعيم طال جسده ؟ .


جرب أن تكون صانع قنابل ، مفجر للطاقات . استغل الطاقات الكامنة فيمن حولك وفجرها في سبيل الخير . في إحدى ليالي الشتاء جلست امرأة مع أبنائها تحدثهم عن شفقتها على الرعاة في عراء الصحراء وما يعانون من قسوة الطقس وقلة الموارد وانعدام المأوى.
هنا زرعت تلك السيدة في عقول أبنائها قنابل الشفقة ، ولكن القنبلة تحتاج من يشعلها ، لذلك بادرت هي بجمع مافاض عندها من اللباس لتوزيعه على الرعاة ... وهنا بدأ الانفجار . أحدهم جهز السيارة لرحلة التوزيع وآخر ذهب لشراء ملابس وأغطية جديدة ، ثم اقترح الثالث بأن يجهزوا المعونات على شكل حقائب ...،  وقد نتج عن ذلك التلغيم الناجح من السيدة عشرات الرعاة الذين أمضوا ذلك الشتاء بلباس جديد ودافئ .


هل تعرف ما يميز انفجارات الفكرة عن انفجارات المادة ؟
انفجارات الفكرة لا تفنى إلا بما يضادها ، بل وتنتشر من عقل إلى عقل ، ومن جيل إلى جيل.  ما يعني أن فكرة حسنة عن الأخلاق والقيم أو عن الصبر والجد أو عن البذل والعطاء ... تزرعها في عقل أحدهم قد تتحول في يوم من الأيام إلى موجات من الطاقة ربما تبلغ مالم تكن تتخيل . وهنا نكون قد أجبنا عن سؤال العنوان .

أرجو في نهاية هذا المقال أن أكون قد نجحت في إشعال قنبلة في عقلك ، جرب أنت أيضا تلغيم عقل أحدهم .  

الأربعاء، 10 يونيو 2015

متى يبتسم كوكب الحياة ؟


لم يبقى سوى 44 يوم على انطلاقة بطولة كأس العالم لكرة القاعدة (البيسبول) التي ستقام على أرض تايوان .
هل أنت مستعد ؟ تفكر بالسفر لحضور البطولة ؟ أم أنك جددت اشتراك القناة الناقلة لمتابعة البطولة عبر الشاشة ؟
يبدو أنك غير آبه بهذا الخبر! مئات الملايين من الناس كانوا سيتحمسون له


ليس في ردة الفعل هذه أي خطأ ، فما يهم مئات الملايين من الناس لا يهم أيضا مئات أخرى من ملايين الناس. الأحداث والحقائق مثل كل الأشياء الأخرى تتأثر أهميتها بالزمان والمكان ، ولكن المشكلة تبرز بوجود حقائق وأحداث تهم كل الأمم في حاضر الزمان وقابله ، ومع ذلك لاتجد من يصغي لها ويتأملها إلا قلة قليلة من الناس .


أعني بهذه الأحداث ، الأحداث التي تتعلق بنا كبشر جميعا بلا تمييز ولا تفرقة . إن النمو البشري المتعاظم والذي يقابله صعود حاد في استهلاك الموارد لهو من أهم ما يجب أن يطرح على الساحة العالمية طرح يليق بأهميته ويتناسب مع مدى تأثيره . يجب أن يكون هما حقيقيا لدى الشعوب والدول عامة لا مجرد ندوات وبحوث وتوصيات إصلاحها ليس له حساب أمام مايقابلها من استغراق في الإفساد السياسي والاقتصادي والبيئي من قبل أقوام يرون الحياة في معاناة الآخرين ، يرون المال يتقاطر من جبين العامل ويرونه ينمو في الغابات ويسيل في الأنهار وينبع من جوف الأرض ليحرقوه ويحرقوا به ما تبقى من نضارة الأرض.


يعيش اليوم على كوكب الحياة الأزرق مايزيد عن 7320 مليون إنسان يزيدون بعشرات الملايين كل عام . يقابل ذلك فقدان ما يزيد عن 100 ألف كيلو متر مربع من الغابات والأراضي الزراعية وكميات هائلة من المياه العذبة . والذي نتج عنه أن بيننا الآن ما يقارب 800 مليون إنسان يعانون سوء التغذية منهم مايزيد على 28 ألف ماتوا خلال ساعات هذا اليوم فقط !!
ولولا خشية الإطالة لسردت من الأرقام مايشيب لهولها رؤوس الولدان .


الجميع تقريبا يعرفون المشكلة ولكن قلة من أخذوا على عاتقهم إيجاد الحل للأزمة ، وفئة من أولئك القلة هم أنفسهم أولئك المنتفعون من الساسة وأصحاب الأموال . تتعجب ! سيزول عجبك حينما تعرف ماهي حلولهم الجذرية والتي طبقوا جزء منها. إنهم يرون الحياة حق ولكن ليس للجميع ، يرون البذل والتضحية واجب لكن ليس على الجميع ، يظنون الحياة من ممتلكاتهم يهبونها من يشاءون ويسلبونها ممن يشاءون


ابحثوا عما قدموا من حلول بين صفحات تاريخ الاستعمار الغربي في الهند والشام وشمال أفريقيا وعمقها ، اسألوا هنود القارة الأمريكية عما حل بهم ، ابحثوا في القبور الجماعية في أوروبا الشرقية ، فتشوا في وديان وجبال آسيا الوسطى ...
ابحثوا عمن يقتل بالرشاش والقنبلة والجدري والغاز وإبر العقم التي حقنت بها شرايين النساء ...


إن الله جل في علاه لم يخلقنا لنتصارع على لقمة العيش وغرفة الماء . إن المساواة في الحق والواجب ، والعدل في الأخذ والعطاء هي الخطوة الأولى في طريق الحل الصحيح والتي لايريد المنتفعون الانطلاقة منها . إن ما نعاني من أزمات إنسانية و اقتصادية و بيئية هي في أصلها نتاج أزمة أخلاقية . فقد سرقت الأرض بدل أن تعمر !.

فمتى تعدل بوصلة الحل , ومتى يبتسم كوكب الحياة